للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نصرة الله لنبيه بالسكينة في الحديبية]

كانت غزوة الحديبية في السنة السادسة من الهجرة، قال تعالى في أول سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا * هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح:١ - ٤].

إذاً: من عوامل النصر إنزال السكينة في قلوب المؤمنين، لماذا؟ قال الله: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الفتح:٤] هذا موقف.

الموقف الثاني: إنزال السكينة أيضاً في أحرج المواقف، قال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:١٨] وكانت هذه البيعة حينما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان يفاوض أهل مكة على أن يسمحوا لهم أن يعتمروا ويطوفوا بالبيت ثم يخرجوا عنهم، لكن المشركين كما قال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح:٢٦].

{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح:١٨] من الإيمان؛ لأنه قال في أول السورة: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح:٤]، وهنا علم ما في قلوبهم من آثار السكينة التي جاء ذكرها في أول السورة: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} [الفتح:١٨].

وذلك أنهم بايعوا رسول الله حينما قيل بأن عثمان قد قتل، فقال: (بايعوني على الموت) فبايعوه عن يقين وطمأنينة {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ} [الفتح:١٨]، بهذه السكينة، {فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرةً يَأْخُذُنَهَا} [الفتح:١٨ - ١٩].

ففي صلح الحديبية كانت السكينة لها عامل كبير في موقف المؤمنين، وثباتهم أمام قريش عن بكرة أبيها وهم على مشارف الحرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>