وقعة بدر التي تتحدث عنها سورة الأنفال، واقرأ من سورة الأنفال الآية السابعة:{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ}[الأنفال:٧]، التي هي العير، {تَكُونُ لَكُمْ}[الأنفال:٧] ولكن: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}[الأنفال:٧ - ٨].
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}[الأنفال:٩]، وهو شدة اجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء في العريش، {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِي * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[الأنفال:٩ - ١٠].
إذاًَ: طمأنينة القلوب مقدمة حتى {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[الأنفال:١٠]، إذاً: من عوامل النصر طمأنينة القلب التي هي ضد الخوف والهلع كما سيأتي.
إذاً: هنا في بدر وعدهم الله إحدى الطائفتين دون أن يسميها لهم، فكان بمثابة إغراء لهم، وبعد هذا ذهبت العير وجاء النفير، فقال لهم: كنتم تودون أن غير ذات الشوكة ولكن الله يريد شيئاً آخر، ليحق الحق بكلماته، ثم إذا كنتم وجهاً لوجه والتقى الجمعان، ولجأتم إلى الله، {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال:٩] وأمدكم بألف من الملائكة، وبعد هذا الألف آلاف أُخر.
{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}[الأنفال:١١]، هذه الأمنة أو الأمن حينما كان المسلمون لا يعرفون الواقع؛ فخرجوا بسلاح خفيف وعدد قليل، وواجهوا العدد والعُدد والكبرياء والفخار، وحينئذٍ كان لابد من الخوف، فيأتي الله سبحانه بالنعاس لهم ليطمئنوا، {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ}[الأنفال:١٠] وثم جانب آخر: فهو مهمة الملائكة، فالله سبحانه وتعالى أيضاً يطمئن وقد كان يكفي ملكٌ واحد يطمس عيونهم بجناحه، ولكنه امتحان من الله {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}[الأنفال:١٢] إذاً: الأمنة في جانب المسلمين، والرعب في جانب الذين كفروا، فكانت النتيجة أن قتلوا سبعين وأسروا سبعين، وغنموا ما شاء الله.