[خروج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة ومطاردة قريش له]
تقول عائشة رضي الله عنها: فلما كان ليلة الهجرة علمت قريش أن المسلمين قد هاجروا إلى المدينة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجد داراً وأهلاً وأعواناً وسيقاتلهم بهم.
فأرادوا قتله، وأرادوا تنفيذ المؤامرة في ليلة الهجرة كما جاء في الآية الكريمة:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال:٣٠].
فجاء صلى الله عليه وسلم إلى علي وقال:(يا علي! نم في فراشي وتسجَّ ببردي ولن يصل إليك منهم أذى).
علي في ذلك الوقت عمره في حدود السبع عشرة سنة، وها هو إيمان الفتية، وها هو أثر الشباب والناشئة في نصرة دين الله، فأهل الكهف كانوا فتية آمنوا بربهم، وصاحب موسى في الهجرة لطلب العلم كان فتى، كما قال {قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا}[الكهف:٦٢].
لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، أتى معهم أحد الفتيان وكان صغيراً، فرده النبي عليه الصلاة والسلام، فعاد مرة أخرى يقف على أطراف أصابعه ليراه النبي عليه الصلاة والسلام صالحاً للقتال فيقبله، لكن يراه النبي عليه الصلاة والسلام ويرده مرة أخرى، وهكذا، فيقول له أخوه: لماذا تفعل هذا، فيقول: أريد الشهادة.
وفي أحد يرد النبي عليه الصلاة والسلام غلاماً صغيراً، فيقولون: يا رسول الله! إنه رام، فيقبله عليه الصلاة والسلام، ويمر صحابي على غلام آخر يبكي، فيسأله: ما يبكيك يا غلام؟! فيقول: أجاز فلاناً ولم يجزني وأنا أصرعه، فأخذه إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبره الخبر، فأتى بهما وتصارعا فصرع صاحبه، فأجازهما النبي عليه الصلاة والسلام.
وهنا يأتي علي رضي الله تعالى عنه وينام في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبعة عشر عاماً، وهو كله ثقة وإيمان ويقين بوعد رسول الله إليه:(لن يصلك منهم أذى).
تقول عائشة: وخرج رسول الله مع أبي بكر من خوخة في ظهر بيت أبي بكر، ويصل أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً إلى الغار، فما كان من أبي بكر رضي الله تعالى عنه إلا أن يحتاط ويتحرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم.