للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأربع. كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات: ٥٦)». (١)

وفي ضوء بيان أهل العلم وأئمة التفسير رحمهم الله حول آية الذاريات يتبين لنا:

١ - أن الحكمة والغاية المحمودة التي خلق الله تعالى الخلق من أجلها هي العبادة.

[قال ابن سعدي (ت: ١٣٧٦ هـ) -رحمه الله-]

«هذه الغاية التي خلق الله الجن والإنس لها وبعث جميع الرسل يدعون إليها، وهي عبادته المتضمنة لمعرفته ومحبته والإنابة إليه والإقبال عليه والإعراض عما سواه، وكلما ازداد العبد معرفة بربه كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله تعالى المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم» (٢).

٢ - وأن الله خلقهم وهو غني عنهم مع فقرهم إلى خالقهم.

كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر: ١٥].

[يقول الفخر الرازي -رحمه الله-]

«فلا يأمركم بالعبادة لاحتياجه إليكم، وإنما هو لإشفاقه عليكم» (٣).

٣ - وأن العبادة هي: الخضوع والذل والانقياد.

٤ - وأن عبودية القهر والغلبة تشمل كل الخلق مؤمنهم وكافر.

قال القرطبي (ت: ٦٧١ هـ) -رحمه الله-:

«قوله تعالى: (اعْبُدُوا) [المائدة: ٧٢] أمر بالعبادة له، والعبادة هنا عبارة عن توحيده والتزام شرائع دينه، وأصل العبادة الخضوع والتذلل، يقال: طريق معبّدة إذا كانت موطوءة بالأقدام … والعبادة الطاعة، والتعبد التنسّك» (٤).


(١) مدارج السالكين (١/ ١٠٠).
(٢) تفسير الكريم الرحمن (٧/ ١٨١).
(٣) تفسير الفخر الرازي، مفاتيح الغيب- للفخر الرازي - تفسير سورة فاطر قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر: ١٥]. (ص: ٢٣).
(٤) الجامع لأحكام القرآن (١/ ٢٢٥ - ٢٢٦).

<<  <   >  >>