للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* مشاهد من عبودية خشية الجبال وتصدعها إجلالًا لكلام الله تعالى:

والجبال تتصدع إجلالًا لكلام الله تعالى كما قال سبحانه: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) (الحشر: ٢١).

[يقول شيخ المفسرين الإمام الطبري رحمه الله]

"يقول - جل ثناؤه -: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل) - وهو حجر - لرأيته يا محمد خاشعًا يقول: متذللا متصدعًا من خشية الله على قساوته، حذرًا من ألا يؤدي حق الله المفترض عليه في تعظيم القرآن، وقد أنزل على ابن آدم وهو بحقه مستخف، وعنه عما فيه من العبر والذكر معرض، كأن لم يسمعها، كأن في أذنيه وقرًا.

ثم يقول رحمه الله: أي: "لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه تصدع وخشع من ثقله، ومن خشية الله، فأمر الله عز وجل الناس إذا أنزل عليهم القرآن، أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع.

يعذر الله الجبل الأصم، ولم يعذر شقي ابن آدم، هل رأيتم أحدًا قط تصدعت جوانحه من خشية الله". (١)

"فإن هذا القرآن لو أنزله على جبل لرأيته خاشعًا متصدعا من خشية الله أي: لكمال تأثيره في القلوب، فإن مواعظ القرآن أعظم المواعظ على الإطلاق". (٢)

* مشاهد من عبودية الجمادات غِيِرَة على عقيدة التوحيد:

والشركُ بالله ظلم عظيم وجرم كبير، فهذه المخلوقات الكبار وتلك الكائنات العظام تكاد تتشقق وتنفطر وتخر هدًا لعظم الشرك وهوله وفظاعته وجرمه، إجلالًا لله وغيرة على توحيده وألوهيته جل في علاه، كما قال سبحانه: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا)

(مريم: ٨٨ - ٩١)

أي: "من أجل هذه الدعوى القبيحة تكاد هذه المخلوقات أن يكون منها ما ذكر. " (٣)


(١) الطبري: (٢٣٣/ ٣٠١).
(٢) - تفسير ابن سعدي: (١/ ٨٥٤).
(٣) المرجع السابق: (٥/ ١٠١٦).

<<  <   >  >>