للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بإذْنِ اللهِ فَانْقَادَتْ معهُ كَذلكَ، حتَّى إِذَا كانَ بالمَنْصَفِ ممَّا بيْنَهُمَا، لأَمَ بيْنَهُمَا، يَعْنِي جَمعهُمَا، فَقالَ: التَئِما عَلَيَّ بإذْنِ اللهِ فَالْتَأَمَتَا … ". (١)

* مشاهد من عبودية أعضاءُ بني آدم في الدنيا:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أصبح ابن آدم فإنّ الأعضاءَ كُلُّها تكفِّرُ اللسانَ فتقول: اتَّقِ الله فينا فإنما نحنُ بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا". (٢)

* مشاهد من عبودية أعضاءُ بني آدم في الآخرة:

قال الله تبارك تعالي عن أهل النار: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (فصلت: ٢٠ - ٢١)

(حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا) أي انتهوا إليها، وادعوا أنهم مظلومون وأخذوا يتنصَّلون من ذنوبهم، وقالوا إنهم لا يقبلون شاهدًا من غير أنفسهم فيأمر الله تعالى أسماعهم وأبصارهم وجلودهم فتشهد عليهم بما كانوا يعملون، وهو قوله تعالى: (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وهنا رجعوا على جلودهم يلومون عليهم ويعتبون وهو ما أخبر تعالى به في قوله: (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا) فأجابتهم جلودهم بما أخبر تعالى عنهم في هذا السياق (قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). (٣)

ومثل ذلك قوله تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (يس: ٦٥)

ومثل ذلك -أيضًا- قوله تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٤: النور)


(١) - رواه مسلم: (٢٠١٢).
(٢) - صحيح الترمذي: (٢٤٠٧).
(٣) أيسر التفاسير، لأبي بكر الجزائري: (٣/ ٤٧٥).

<<  <   >  >>