للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القشيري: لما رفعه الله تعالى إلى حضرته السنية، وأرقاه فوق الكواكب العلوية، ألزمه اسم العبودية تواضعًا للأمة". (١)

ويؤكد الشنقيطي (ت: ١٣٩٣ هـ) بيان ما ذكره القرطبي حول آية الإسراء فيقول رحمه الله:

" والتعبير بلفظ العبد في هذا المقام العظيم يدل دلالة واضحة على أن مقام العبودية هو أشرف صفات المخلوقين وأعظمها وأجلها إذ لو كان هناك وصف أعظم منه لعبر به في هذا المقام العظيم الذي اخترق العبد فيه السبع الطباق ورأى من آيات ربه الكبرى. (٢).

[المطلب الثاني: عبودية أولي العزم من الرسل -عليهم السلام- بأعيانهم]

قال سبحانه وتعالى مبينًا مراتب أوليائه: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) (النساء: ٦٩).

فالله قد رتب عباده السعداء المنعم عليهم أربع مراتب وبدأ بالأعلى منهم وهم النبيون، وقد ورد في سبب نزول هذه الآية أن بعض الصحابة رضوان الله عليهم قد شق عليهم أن النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة يرفع مع النبيين في الدرجات العلا فتكون منزلتهم دون منزلته فلا يصلون إليه ولا يرونه ولا يجالسونه، فنزلت الآية. (٣)


(١) الجامع لأحكام القرآن: (١٠/ ٢٠٥). تفسير القرطبي، المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: ٦٧١ هـ)، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش الناشر: دار الكتب المصرية - القاهرة الطبعة: الثانية، ١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م عدد الأجزاء: ٢٠ جزءا (في ١٠ مجلدات).
(٢) تفسير أضواء البيان، للشنقيطي: (٣/ ٨). أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف: محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى: ١٣٩٣ هـ) الناشر: دار الفكر للطباعة و النشر والتوزيع بيروت - لبنان عام النشر: ١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ مـ.
(٣) - تفسير الطبري: (٥/ ١٠٤) و (حلية الأولياء) (٤/ ٢٤٠ و ٨/ ١٢٥)، و (أسباب النزول للواحدي) (ص: ٩٤)، و (الدر المنثور) (٢/ ١٨٢)، و (لباب النقول - بهامش الجلاليين) (ص: ١٧٤).

<<  <   >  >>