للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى في وصف عبده داود: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأيدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص: ١٧]. أعطي قوّة في العبادة، وفقهًا في الإسلام. (١)

وقال في مدح عبده سليمان: (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص: ٣٠].

(نِعْمَ الْعَبْدُ (يقول: نعم العبد سليمان (إِنَّهُ أَوَّابٌ) يقول: إنه رجاع إلى طاعة الله توّاب إليه مما يكرهه منه. وقيل: إنه عُنِي به أنه كثير الذكر لله والطاعة. (٢)

وقال في وصف عبده أيوب: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ) [ص: ٤١].

ثم مدح الله عبوديته لما ابتلاه فصبر على البلاء فقال سبحانه: ( … إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)، (ص: ٤٤). (إِنَّهُ أَوَّابٌ) و (أَوَّابٌ) على وزن فعَّال، أي: كثير الرجوع إلى الله بالتوبة والإنابة إليه، وما ذلك إلا لكمال عبوديته.

وامتدح الله يوسف واستخلصه لعبوديته واصطفاه لما صبر عن معصيته وتعفَّف عما حرَّم عليه مولاه فقال اللهُ جلَّ في علاه: ( … كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف: ٢٤). وكان من تعففه عمَّا حرَّم الله أن تولَّاه الله ولطف به وصرف عنه السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ، وما كان ذلك إلا لاصطفاء اللهِ له لكمال إيمانه وتمام وكمال عبوديته.

وهؤلاء جميعهم من غير أولي العزم من الرسل-عليهم السلام-، وقد قاموا بعبوديتهم لله تعالى وحده لا شريك له على أكمل وأتم الوجه كما أمرهم الله تعالى، فامتدحهم - سبحانه- ووصفهم بوصف العبودية التي هي من أجلِّ وأعظم الأوصاف.

[وقد اتضح فيما مضى أمران ظاهرا الدلالة على أفضلية النبين والمرسلين على البشر وهما]

أولاً: أن الله تعالى اصطفاهم على عموم البشر فخصهم برسالته وبإبلاغ الحق للخلق، فهم سفراء بين الله وبين عباده.


(١) - تفسير الطبري: (٢٣/ ١٦٢).
(٢) - المرجع السابق: (٢٣/ ١٨٢).

<<  <   >  >>