للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ريب أن هذا شرك واضح بين، ولذا ساء الهدهد وهاله ما رأى من سجودهم للشمس فأنف بفطرته وجبلته من عبادتهم تلك، فتمعر وجهه في ذات الله، وقد تسبب بذلك في هداية أمة بأسرها للإسلام ونجاتهم من الشرك الموجب الخلود في النيران.

[المطلب الرابع: مشاهد من عبودية وتسبيح النمل وبعض المخلوقات]

النمل أمة من الأمم الخاضعة لسلطان بارئها الخاضعة لكبريائه وعظمته المسبحة بحمده المنزهة والمقدسة لذاته، ومن مشاهد عبوديتها وتسبيحها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما، فقد ثبت عند البخاري من حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ، فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ". (١)

وفي لفظ مسلم منْ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أيضًا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " أَنَّ نَمْلَةً قَرَصَتْ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: أَفِي أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ؟ ". (٢)

[والنمل أمة معظمة للعلم داعية لأهله]

ومن دلائل عبودية النمل لله تعالى الدعاء لمعلم الناس الخير الذي يدل المخلوق على الخالق جل في علاه.

فقد ثبت عند الطبراني والترمذي وصححه الألباني من حديث أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ رضي الله عنه قال:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ". (٣)


(١) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير، رقمك (٣٠١٩).
(٢) -رواه مسلم، حديث رقم: (٢٢٤١)، كتاب السلام، باب النهي عن قتل النمل.
(٣) -أخرجه الترمذي: (٥/ ٥٠)، رقم: (٢٦٨٥)، وأخرجه الطبراني: (٨/ ٢٣٣)، رقم: (٧٩١١).
وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: (١/ ١٨)، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وفى نسخة غَرِيب، وقال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: (١٨٣٨) في صحيح الجامع.

<<  <   >  >>