ثانيًا: أنهم أفضل الخلق وأعلاهم منزلة وقدرًا لكمال عبوديتهم لربهم جلَّ في علاه، وذلك أنهم لمَّا حققوا عبوديتهم لله تعالى على أتم وأكمل الوجوه أضحوا أعلى الخلق وأتمهم عبودية لخالقهم جلَّ في علاه، ولذلك فهم أكمل الخلق وأفضلهم جميعًا ..
[المبحث الثاني: عبودية عموم البشر]
وفيه مطلبان:
[المطلب الأول: عبودية الصحابة -رضي الله عنهم-]
تقدم معنا بيان أعلى الخلق رتبة في العبودية وهي رتبة النبيين والمرسلين، وأن أعلاهم رتبة أولي العزم منهم، ثم تلي هذه الرتبة رتبة أنصار النبيين والمرسلين على دينهم الذين يأخذون بهديهم ويزودون عن دين ربهم، وأفضل هؤلاء قاطبة أصحاب خير الخلق صلى الله عليه وسلم، فهم رضي الله عنهم خير أصحاب لخير نبي.
[يقول ابن مسعود رضي الله عنه]
"إنَّ اللهَ نظرَ في قلوبِ العبادِ فوجدَ قلبَ محمد صلى الله عليه وسلم خيرَ قلوبِ العبادِ فاصطفاهُ لنفسِهِ فابتعثهُ برسالتِهِ.
ثم نظرَ في قلوبِ العبادِ بعدَ قلبِ محمدٍ فوجدَ أصحابه خيرَ قلوبِ العبادِ فجعلهم وُزَرَاءَ نبيِّهِ يُقاتلونَ على دِينِهِ فما رأى المسلمونَ حسنًا فهوَ عندَ اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوا سيِّئًا فهو عندَ اللهِ سيئٌ". (١).
[وها هنا نذكر جوانب من أبرز معالم عبوديتهم لله تعالى]
أولًا: التفاضل بينهم
والتفاضل بين الصحابة رضي الله عنهم معلوم لا يخفى ولقد استقرّ قول أهل السنة والجماعة في التفضيل بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، على أنهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة: فأفضلهم: أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان، ثم علي-رضي الله عنهم أجمعين، ومما يدل على ذلك، ما ثبت عند البخاري من حديث
(١) - رواه أحمد (١/ ٣٧٩) والطيالسي: (٢٤٦) بإسناد حسن، أحمد شاكر، مسند أحمد: (٥/ ٢١١)، وهو موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، قال أحمد شاكر: في: مسند أحمد: (٥/ ٢١١)، إسناده صحيح، وهو موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه.