الحمد لله الذي سبح بحمد كل من في أرضه وسماوته، وخضع لكبريائه وعظمته كل من يليه من كائناته، وشهدت له بالربوبية جميع موجوداته، وأقرت له بالإلهية جميعُ مصنوعاته، فشهدت كلها له بأنه الخالق البارئ لجميع مخلوقاته، وأقرت بعظمته بما أودعها من عجائب صنعه وبديع آياته، كما قال ربنا في محكم كلماته:(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)(الرعد: ١٥).
فيا ليتنا نعي ما أمرنا به ربنا من تدبر كتابه الذي قال فيه في محكم آياته:(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)(ص: ٢٩).
وسبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضى نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، وأشهد ألا إله إلا الله وحده، لا شريك له في ألوهيته، كما أنه لا شريك له في ربوبيته، ولا شبيه له في أفعاله، ولا مثيل له في صفاته، ولاند له في ذاته، … والله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
وسبحان من سبحت له السموات وأملاكها، والنجوم وأفلاكها، والأرض وسكانها، والبحار وحيتانها، والنجوم والجبال، والشجر والدواب، والآكام والرمال، وكل رطب ويابس، وكل من في ملكوته من أرضه وسماواته قد خضع وذل لكبريائه وعظمته وسبحه وعظمه لذاته، كما قال تعالى في محكم آياته:(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن من شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)(الإسراء: ٤٤).
وقد قهر بربوبيته كل مخلوقاته، فأولياؤه أتوه طوعًا، وقد أتوه قهرًا وغلبة جميع لداته وعداته كما قال ربنا في محكم آياته:(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)(مريم: ٩٣ - ٩٥).
وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله خير من عبد ربه في حياته وحتى مماته، صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه وتسليماته وتبريكاته.