للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) (الإسراء: ٨٨). وقد سارع فريق من الجن إلى الإيمان عندما استمعوا القرآن: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) (الجن: ١ - ٢). " (١)

"يقول تعالى آمرًا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر قومه: أن الجن استمعوا القرآن فآمنوا به وصدقوه وانقادوا له" (٢).

فـ"فيه إثبات سماع الجن للقرآن وإعجابهم به، وهدايتهم بهديه، وإيمانهم بالله" (٣).

وفي استماع الجن للقرآن وإيمانه به ووصفه بأحسن الأوصاف إقرار منهم بالعبودية لله تعالى.

(قُرْآنًا عَجَبًا) أي: "بديعًا؛ مباينًا لسائر الكتب في حسن نظمه" (٤).

وفي هذا كله دلالة على فصاحته وبلاغته وحسن مواعظه، وهذا مما لا شك كان له أبلغ الأثر في هداية الجن وسماعهم وإصغائهم لكلام ربهم جل في علاه.

"وهؤلاء الذين استمعوا القرآن وآمنوا هم المذكورون في سورة الأحقاف:

في قوله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الأحقاف: ٢٩ - ٣١).

هم: "من أهل نصيبين، فلما حضروا القرآن ورسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقرأ، قال بعضهم لبعض: أنصتوا لنستمع القرآن، وجعلهم رسلًا إلى قومهم". (٥).


(١) - مجموع الفتاوى: ١٩/ ٩.
(٢) ابن كثير: (٨/ ٢٣٨).
(٣) - أضواء البيان للشنقيطي: (٣/ ٨١٧).
(٤) - تفسير النسفي: (٣/ ٥٤٨).
(٥) الطبري: (٢٢/ ١٣٥ - ١٤٠).

<<  <   >  >>