للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سمعه من طريق لم يمر عليه، كما ذكر الخطيب في "الرحلة"، وهذا جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما صحابي جليل، يقول: بلغني عن رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم أسمعه منه، قال: فابتعت بعيراً فشددت عليَّ رحلي فسرت إليه شهراً حتى أتيت الشام، فإذا هو عبد الله بن أنيس الأنصاري قال: فأرسلتُ إليه أن جابراً على الباب، قال: فرجع إليَّ الرسول فقال: جابر بن عبد الله؟ فقلت: نعم. قال: فرجع الرسول إليه فخرج إليَّ فاعتنقني واعتنقته، قال: قلت: حديثاً بلغني أنك سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المظالم فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه.

وهذا أبو زرعة ومحمد بن نصر وغيرهم يقطعون الفيافي على الأقدام كل هذا في سبيل تحصيل العلم، فهم يقطعون المسافات الشاسعة التي تنقطع دونها رقاب المطي مع ما يصاحب ذلك من التعب وعناء الطريق، ومع ذلك فإن لذة العلم التي وضعها الله عز وجل في قلوبهم أنستهم عناء الطريق وبعد الشقة.

فكم قد حدثنا التاريخ أن بعض الرحَّالة في طلب العلم اشتد به الجوع والظمأ، وضاع في الصحاري والقفار، وخشي على نفسه الهلاك وانقطعت به السبل، فمنهم من شرب بوله، ومنهم من بال دماً، ومنهم من أنفق كل أمواله في الرحلة في طلب العلم، ومنهم من ترك أهله وأولاده

<<  <  ج: ص:  >  >>