وأن الموت منتظر في كل ساعة، ويرغبه في نعيم الجنة وما يدعو إليها، ويخوفه النار وما يكون باعثاً إليها ويقول إن الجنة لمن كان قارئاً وعالماً والنار لمن كان جاهلاً وفاسقاً.
واعلم أن الصبي خلق جوهرة قابلة للنقش للخير والشر جميعاً، وإنما أبواه يميلان به إلى أحد الجانبين، قال -صلى الله عليه وسلم-: (كل مولود يولد على فطرة الإسلام فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) فأكل الحرام منشأ لكون الولد شريراً فإنهما عند عدم اجتنابهما من الحرام يكون طبع الولد مائلا إلى كل الشر، وفي هذا الزمان أكثر الناس شريراً وفاسقاً إنما هو من حصولهم من لقمة الحرام كذا في التبيين وفي الشرعة، ويعلم الكتاب إذا عقل وما يحتاج إليه من الفرائض والسنن، ويعلم السباحة والرمي، ولا يرزقه إلا طيباً، وأن الولد أمانة الله أودعه إياها طاهراً مطهراً، فيجتهد في صيانة دينه وعرضه، ويؤدبه بآداب الله، فإن ذلك خير له من كثير من القرب فإنه مسئول عنه يوم القيامة ومؤاخذ بالتقصير، فإذا تكلم يعلمه أولاً كلمة التوحيد لا إله إلا الله، ويعوده على فعل الخيرات وثوابه للوالد، ويسوي بين أولاده في العطاء، ويعاشر الأولاد بالمرحمة والعطف واللين، ويقبلهم عن شفقة ورأفة ويباسطهم في الكلام واللعب المباح، وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يدلع لسانه للحسن، فإذا رأى الصبي حمرة لسانه يفرح.