للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن أوجه الشبه بين المؤمن والنخلة أن النخلة شديدة الثبوت كما قال الله تعالى {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} وهكذا الشأن في الإيمان إذا رسخ في القلب، فإنه يصير في أشد ما يكون من الثبات لا يزعزعه شيء، بل يكون ثابتاً كثبوت الجبال الرواسي.

سُئل الأوزاعي -رحمه الله- عن الإيمان أيزيد؟ قال: نعم حتى يكون مثل الجبال، قيل: أينقص؟ قال: نعم حتى لا يبقى منه شيء.

والنخل لا تنبت في كل أرض، بل لا تنبت إلا في أراضٍ طيبة التربة، فهي في بعض الأماكن لا تنبت مطلقاً، وفي بعضها تنبت لكن لا تثمر، وفي بعضها تثمر ولكن يكون الثمر ضعيفاً، فليست كل أرض تناسب النخلة، وهكذا الشأن في الإيمان فهو لا يثبت في كل قلب، وإنما يثبت في قلب من كتب الله له الهداية وشرح صدره للإيمان، والقلوب أوعية متفاوتة، وبعضها أوعى من بعض.

وقد وصفت النخلة في الآية بأنها شجرة طيبة، وهذا أعم من طيب المنظر والصورة والشكل ومن طيب الريح وطيب الثمر وطيب المنفعة، والمؤمن كذلك أجل صفاته الطيب في شؤونه كلها وأحواله جميعها، وفي ظاهره وباطنه وفي سره وعلنه.

ولهذا عندما يدخل المؤمنون الجنة تتلقاهم خزنتها قائلة لهم {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣)} {الزُّمر: ٧٣}.

<<  <  ج: ص:  >  >>