ومما تقدم علمت أهمية الرفيق الصالح واستعاذة النبي -صلى الله عليه وسلم- من جار السوء، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، … والجار الصالح، والمركب الهنيء.
وأربع من الشقاء: المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء. والمسكن الضيق) (١).
وإن من توفيق الله تعالى للإنسان أن يكون بين جيران يشعر منهم بالعطف عليه، واللطف به، والتقدير والمحبة له، ومن قلة توفيق الله للعبد أن يكون بين جيران يضمرون الشر له والعدوان، ويدبرون له المكائد ويذمرون عليه الخصوم، فالشخص الذي له جيران سوء يضرون به في نفسه أو ماله أو عرضه، ويحيكون له العظائم والدواهي، تجده منغصٌ عيشه، لا يهنأ له بال ولا ينعم بمال، غير مرتاح، قلق منهم إن دخل أو خرج، تراه محزون النفس، مكلوم الفؤاد، مقطب الوجه، كل ذلك من جار السوء، إما من قبل التسلط على أهله أو على أولاده، وإما بوضع أذية في طريقه، أو في بيته، أو بِتَعَدٍ على ملكه، أو بتجسس عليه، وإما بنظر عليه من نافذة، أو باب، أو سطح، أو رمي بالحصا ونحوه من أنواع الأذى، وربما اضطر إلى بيع منزله من أجل جار السوء، كما ذكر بعض من ابتلي بجار سوء اضطره إلى بيع ملكه، قال في ذلك:
(١) رواه الحاكم وغيره عن سعد -رضي الله عنه- وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٨٨٧).