إلى أن ذلك فَهْم منه أولاً، وأنه -صلى الله عليه وسلم- قد أقرهم عليه ثانياً، وذلك كافٍ عند أهل السنة في إثبات شرعية ذلك لأن الشاهد يرى مالا يرى الغائب، وهم القوم لا يشقى متَّبع سبيلهم.
الثالثة: في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي رؤيته -صلى الله عليه وسلم- من ورائه ولكن ينبغي أن يُعلم أنها خاصة في حالة كونه -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، إذ لم يرد في شيء من السُّنَّة أنه كان يرى كذلك خارج الصلاة أيضاً. والله أعلم.
الرابعة: في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس وإن كان صار معروفاً في علم النفس، وهو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن، والعكس بالعكس، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة لعلنا نتعرض لجمعها وتخريجها في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى.
الخامسة: أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن: (قد قامت الصلاة) بدعة لمخالفتها للسُّنَّة الصحيحة، كما يدل على ذلك هذان الحديثان، لا سيما الأول منهما؛ فإنهما يفيدان أن على الإمام بعد إقامة الصلاة واجباً ينبغي عليه القيام به، وهو أمر الناس بالتسوية مذكراً لهم بها، فإنه مسؤول عنهم:(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته … )(١).