قلت: من المقرر عند أهل العلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب من الواجبات الكفائية، إذا قام به ما يكفي سقط الإثم عن الآخرين، وقد أمر الله عز وجل به، وأمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة الصحيحة الصريحة المتواترة، وإذا ترك الناس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن هذا سبب لهلاكهم، قال تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩)} {المائدة: ٧٨ - ٧٩}. فالواجب التحذير من المنكرات بجميع صورها وعدم حضور أماكنها، فإن هذا من أسباب النجاة بإذن الله. قال تعالى {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٥)} {الأعراف: ١٦٥}. أما حضور المنكرات وعدم إنكارها فإن هذا من أسباب الهلاك والعياذ بالله، إذ أن حاضر المنكر كفاعله كما هو مقرر في الشريعة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية (١) -رحمه الله-: ولا يجوز لأحد أن يحضر مجالس المنكر باختياره لغير ضرورة، كما في الحديث أنه قال:(من كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر).