للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذه خمسة أنواع من الذل إذا وفاها العبد حقها وشهدها كما ينبغى وعرف ما يراد به منه وقام بين يدى ربه مستصحباً لها شاهداً لذله من كل وجه ولعزة ربه وعظمته وجلاله كان قليل أعماله قائماً مقام الكثير من أعمال غيره.

قالوا: وهذه أسرار لا تدرك بمجرد الكلام، فمن لا نصيب له منها فلا يضره أَنْ يخلى المطى وحاديها، ويعطى القوس باريها.

فللكثافة أَقوام لها خلقوا … وللمحبة أَكباد وأجفان.

قالوا: وأيضاً فقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (للهُ أَشدُّ فرحاً بتوبة عبده من أحدكم ضل راحلته).

قالوا: وهذا أعظم ما يكون من الفرح وأكمله، فإن صاحب هذه الراحلة كان عليها مادة حياته من الطعام والشراب، وهى مركبه الذى يقطع به مسافة سفره، فلو عدمه لانقطع فى طريقه فكيف إذا عدم مع مركبه طعامه وشرابه.

ثم إنه عدمها فى أرض دوّية لا أَنيس بها ولا معين ولا من يأْوى له ويرحمه ويحمله ثم إنها مهلكة لا ماءَ بها ولا طعام، فلما أَيس من الحياة بفقدها وجلس ينتظر الموت، إذا هو براحلته قد أشرفت عليه ودنت منه، فأَى فرحة تعدل فرحة هذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>