قلت: معنى هذا الحديث صحيح، قال المناوي (١): (حب الدنيا رأس كل خطيئة) بشاهد التجربة والمشاهدة، فإن حبها يدعو إلى كل خطيئة ظاهرة وباطنة، سيما خطيئة يتوقف تحصيلها عليها فيُسكر عاشقها حبها عن علمه بتلك الخطيئة وقبحها، وعن كراهتها واجتنابها، وحبها يوقع في الشبهات، ثم في المكروه ثم في المحرم، وطالما أوقع في الكفر، بل جميع الأمم المكذِّبة لأنبيائهم إنما حملهم على كفرهم حب الدنيا، فإن الرسل لما نهوا عن المعاصي التي كانوا يلتمسون بها حب الدنيا حملهم على حبها تكذيبهم، فكل خطيئة في العالم أصلها حب الدنيا، ولا تنسى خطيئة الأبوين فإن سببها حب الخلود، ولا تنسى خطيئة إبليس فإن سببها حب الرياسة، التي هى شر من حب الدنيا، وكفر فرعون وهامان وجنودهما، فحبها هو الذي عمر النار بأهلها، وبغضها هو الذي عمر الجنة بأهلها، ومن ثم قيل الدنيا خمر الشيطان، فمن شرب منها لم يفق من سكرتها إلا في عسكر الموتى خاسراً نادماً. …
قلت: وللعلامة محمد بن علي الشوكاني رحمه الله بحث نفيس في الكلام على هذا الحديث انظره إن شئت في "الفتح الرباني" من فتاوى الإمام الشوكاني (٤/ ١٧٨١ - ١٨١٩).