للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليهم مُتَّهِمِين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة؟ فهذا إبراهيم عليه السلام يقول {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)} {إبراهيم: ٣٧} إلى آخر الأيات وكلها أدعية، وأدعية الأنبياء في الكتاب والسنة لا تكاد تحصى، والقائل المشار إليه قد غفل عن كون الدعاء الذي هو تضرع والتجاء الى الله تعالى عبادة عظيمة بغض النظر عن ما هية الحاجة المسؤولة، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: (الدعاء هو العبادة)، ثم تلا قوله تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)} {غافر: ٦٠} ذلك لأن الدعاء يظهر عبودية العبد لربه وحاجته إليه ومسكنته بين يديه، فمن رغب عن دعائه، فكأنه رغب عن عبادته سبحانه وتعالى، فلا جرم جاءت الأحاديث متضافرة في الأمر به، والحض عليه حتى قال -صلى الله عليه وسلم-: (من لا يدع الله يغضب عليه) (١).

قلت: وهو حديث حسن.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (سلوا الله كل شيء حتى الشسع، فإن الله عز وجل إن لم ييسره لم يتيسر) (٢).

وبالجملة فهذا الكلام المعزو لإبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام فكيف يقوله من سمانا المسلمين؟!


(١) أخرجه الحاكم (١/ ٤٩١) وصححه ووافقه الذهبي.
(٢) أخرجه ابن السني (٣٤٩) بسند حسن، وله شاهد من حديث أنس -رضي الله عنه- عند الترمذي (٤/ ٢٩٢) وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>