للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علمك أو أدبك أو مالك أو منصبك، فكيف تطلب الصلح معه وأنت لم تتب من مواهبك؟ والحاسد ينظر متى تتعثر، ويتحرى متى تسقط، ويتمنى متى تهوي.

أحسن أيامه يوم تمرض، أجمل لياليه يوم تفتقر، وأسعد ساعاته يوم تُنْكَب، وأحب وقت لديه يوم يراك مهموماً مغموماً حزيناً منكسراً، وأتعس لحظة عنده إذا اغتنيت، وأفظع خبر عنده إذا علوت، وأشد كارثة لديه إذا ارتقيت، ضحكك بكاءٌ له، وعيدك مأتم له، ونجاحك فشل لديه، ينسى كل شيء عنك إلا الهفوات، ويغفل عن كل أمر فيك إلا الزلات، خطؤك الصغير عنده أثقل من جبل أحد، وذنبك الحقير لديه أثقل من جبل ثهلان، لو كنت أفصح من سحبان، فأنت عنده أعيى من باقل، ولو كنت أسخى من حاتم فأنت لديه أبخل من مادر، ولو كنت أعقل من الشافعي فهو يراك أحمق من هبقنة، الذي يمدحك عنده كذاب، والذي يثني عليك لديه منافق، والذي يذب عنك في مجسله ثقيل حقير، يصدق من يسبك، ويحب من يبغضك، ويقرب من يعاديك، ويساعد من يكرهك ويجافيك، الأبيض في عينك سواد عنده، والنهار في نظرك ليل في نظره، لا تجعله حكماً بينك وبين الآخرين فيحكم عليك قبل سماع الدعوى وحضور البينة، ولا تطلعه على سرك فأكبر همه أن يشاع ويذاع، ويحفظ عليك الزلة ليوم الحاجة، ويسجل عليك الغلطة ليوم الفاقة لا حيلة فيه إلا العزلة عنه، والفرار منه، والاختفاء عن نظره والبعد عن بيته، والانزواء عن مكانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>