للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجواب: لا، لأننا نقول: هذا الذي أخذه القاضي إما أن يحمله على حكمه بالحق، والحكم بالحق لا يجوز له أن يأخذ عليه عوضاً دنيوياً، وإما أن يحمله على خلاف الحكم بالحق، أو عن الحكم بخلاف الحق، وهذا أشد وأشد، فكان أخذ الرشوة أكلاً للمال بالباطل، وبذلها إعانة لأكل المال بالباطل.

سادسًا: أن فيها ضياعاً للأمانات، وأن الإنسان لا يؤتمن، والحاكم لا يؤتمن، والإنسان لا يدري أيُحكم له بما معه من الحق، أو يُحكم عليه؟ وهذا فساد عظيم. لذلك استحق الراشي والمرتشي لعنة الله والعياذ بالله.

ولكن ما تقول فيما إذا تعذر إعطاء المستحق حقه إلا ببذل الدراهم، فهل يدخل هذا في الرشوة؟

الجواب: نعم، هي رشوة، لأن الإنسان يريد أن يتوصل بها إلى حقه، لكن إثمها على الآخذ دون المعطي لأن المعطي إنما بذلها ليستخرج حقه حتى لا يضيع حقه، ويكون اللعن على المرتشي الآخذ، وقد نصَّ على ذلك أهل العلم (١) -رحمهم الله- وبيَّنوا أن من بذل شيئاً للوصول إلى حقه فليس عليه شيء، ويوجد الآن من يقول للإنسان الذي يطالب بحقه، إما أن تعطيني كذا وكذا صراحة وإلا فاصبر حتى أقضي لك حاجتك ويماطله فيما له من الحق، ولا يمكنه من أخذ حقه حتى يدفع له


(١) قلت: وهو قول جمهور أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>