للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن أبي العز (١) -رحمه الله-: اعلم رحمك الله وإيانا، أنه يجوز للرجل أن يصلي خلف من لم يعلم منه بدعه ولا فسقاً باتفاق الأئمة، وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه، ولا أن يمتحنه، فيقول ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف المستور الحال، ولو صلى خلف مبتدع يدعو إلى بدعته، أو فاسق ظاهر الفسق وهو الإمام الراتب الذي لا يمكنه الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة والعيدين والإمام في صلاة الحج بعرفة، ونحو ذلك فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف، ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند أكثر العلماء.

والصحيح: أنه يصليها ولا يعيدها، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار، ولا يعيدون كما كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يصلي خلف الحجاج بن يوسف، وكذلك أنس -رضي الله عنه-، كما تقدم، وكذلك عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وكان يشرب الخمر، حتى إنه صلى بهم الصبح مرة أربعاً ثم قال أزيدكم؟ فقال له ابن مسعود: ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة.

وفي الصحيح أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- لما حُصر صلى بالناس شخص، فسأل سائل عثمان إنك إمام عامة وهذا الذي صلى بالناس إمام فتنة؟ فقال يا ابن أخي إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسنوا فأحسن معهم وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم، والفاسق والمبتدع صلاته في نفسها صحيحة، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه لأن


(١) "شرح الطحاوية" (ص: ٣٧٤ - ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>