للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولقوله تعالى {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (٥٣)} {الإسراء: ٥٣}. ولقوله تعالى … {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} {الأعراف: ٢٢} بل إن الذي يشعل الفتن ويؤجج نارها ويدق فتيلها بين المؤمنين فيه شبه ببعض فواسق الدواب، وهي الوزغ التي كانت تنفخ على نار إبراهيم عليه السلام من بين سائر الدواب، فقد جاء في "البخاري" من حديث أم شريك رضي الله عنها: (إن الوزغ كان ينفخ النار على إبراهيم عليه السلام). وجاء عند أحمد وابن ماجه: (أن إبراهيم لما ألقي في النار، لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت عنه، إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه) (١).

فانظر رعاك الله لفعل هذه الدابة الفويسقة كيف تنفخ في النار لتزيدها اشتعالاً على النبي الكريم إبراهيم عليه السلام، وكم والله وبالله وتالله من الناس من يفعل فعلها ويقوم بدورها القبيح في إشعال نار الفتنة بين المؤمنين، فما أن تظهر فتنة بين المؤمنين من علماء ودعاة ومصلحين وغيرهم حتى يظهر هذا العاطل ليذكيها بحجة الدفاع عن السنة والدعوة، وهم في حقيقة الأمر لا في العير ولا في النفير، لا للإسلام نصروا ولا للبدعة كسروا، بل من السنة نفَّروا إن بينهم وبين العلم والدعوة بُعْدَ المشرقين، فهم بحق تلاميذ الفتن ومشائخ الفرقة والاختلاف. ومن أبرز صفات هذا الصنف، أنك تراه في الخير نائم، وفي الفتنة قائم، وبحبها هائم، والله المستعان.


(١) صححه العلامة الألباني رحمه الله في "الصحيحة" (١٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>