للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التعليق:

قلت: ويُغني عن هذه الأحاديث الضعيفة ما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات، فإنه لم يذكر في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا ذكر في سعة إلا ضيقها عليه) (١).

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا) رواه مسلم وأحمد وأبو داود عن جابر -رضي الله عنه-.

ولاشك ولا ريب أن الموت أعظم واعظ، كيف لا وهو المصيبة العظمى والرزية الكبرى وأعظم منه الغفلة عنه والإعراض عن ذكره وقلة التفكير فيه وترك العمل له وأن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر وفكرة لمن افتكر.

قيل: إن أعرابياً كان يسير على جمل فخر الجمل ميتاً، فنزل عنه وجعل يطوف به ويتفكر فيه ويقول: ما لك لا تقوم، ما لك لا تقوم، مالك لا تقوم، ما لك لا تنبعث، هذه أعضاؤك كاملة وجوارحك سالمة، ما شأنك، ما الذي كان يبعثك، ما الذي صرعك، ما الذي عن الحركة منعك؟ ثم تركه وانصرف متفكراً في شأنه متعجباً في أمره وأنشأ يقول:

جاءته مِنْ قِبَلِ المَنُونِ إشارةٌ … فَهَوى صَرِيعاً لليدين وللفَمِ

قال الحسن -رحمه الله-: قد أفسد الموت على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا عيشاً لا موت معه.


(١) رواه البيهقي وابن حبان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- والبزار عن أنس -رضي الله عنه- وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (١٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>