اشتهرت هذه المقولة، وهذه القاعدة عند كثير من الناس، أن كل مجتهد مصيب فإذا كانت من الإصابة فهي باطلة بأدلة الكتاب والسنة.
فمن الكتاب قوله تعالى {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} {الأنبياء: ٧٨ - ٧٩}.
فهذه الآية فيها دلالة على بطلان هذه القاعدة، إذ أن داود وسليمان اجتهدا في الحكم فكان الصواب مع سليمان دون داود لقوله تعالى … {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}. ومن السنة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر).
وقال أبو إسحاق الاسفرائيني (١): القول بأن كل مجتهد مصيب، أوله سفسطة وآخره زندقة. اهـ.
قلت: ولو قلنا بصحة هذه القاعدة للزم منها لوازم باطلة.
قال ابن حزم في "المحلى"(١/ ٧٠): ومن ادعى أن الأقوال كلها حق وأن كل مجتهد مصيب فقد قال قولاً لم يأت به قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا معقول وما كان هكذا فهو باطل.