للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليها بالصحة، وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعداً؟ هذا مما لا يعقل ولا تشهد له الشريعة، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (لم يزدد إلا بعداً) إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل. وهذا بعيد عندي لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان وحينئذ فليس له صلاة شرعاً، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المراد في الحديث المرفوع والموقوف، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله في كتابه في قوله {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} {العنكبوت: ٤٥}.

وأكدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما قيل له: (إن فلاناً يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق) فقال: سينهاه ما تقول، أو قال: (ستمنعه صلاته) (١).

فأنت ترى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته -إذا كانت على الوجه الأكمل طبعاً كالخشوع فيها والتدبر في قراءتها- ولم يقل: (أنه لايزداد بها إلا بعداً) مع أنه لما ينته عن السرقة، فثبت بما تقدم ضعف الحديث سنداً ومتناً والله أعلم.


(١) رواه أحمد والبزار والطحاوي في "مشكل الأثار" والبغوي في حديث على بن الجعد (٩/ ٩٧/ ١) وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح معاني الآثار" (٣١/ ١/ ٦٩/ ١) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>