للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يأمن على نفسه ولكنه يتحقق أنه لا يطاع، وهذا حيث لا يكون هناك فتنة عامة، فإن وقعت الفنتة ترجحت العزلة لما ينشأ فيها غالباً من الوقوع في المحذور، وقد تقع العقوبة بأصحاب الفتنة فتعم من ليس من أهلها كما قال تعالى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٥)} {الأنفال: ٢٥}

قلت: وقد ورد في الباب حديث: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) (١).

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) -رحمه الله-: هل الأفضل للسالك العزلة أم الخلطة؟

فأجاب: هذه المسألة وإن كان الناس يتنازعون فيها إما نزاعاً كلياً وإما نزاعاً حالياً، فحقيقة الأمر أن الخلطة تارة تكون واجبة أومستحبة، والشخص الواحد قد يكون مأموراً بالمخالطة تارة، وبالانفراد تارة، وجماع ذلك أن المخالطة إن كان فيها تعاون على البر والتقوى فهي مأمور بها، وإن كان فيها تعاون على الإثم والعدوان فهي منهي عنها، فالاختلاط بالمسلمين في جنس العبادات كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين وصلاة الكسوف والاستسقاء ونحو ذلك هو مما أمر الله به ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.


(١) رواه أحمد والبخاري في "الأدب المفرد" والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر صححه الألباني في "الصحيحة" (٦٣٩) و "صحيح الجامع" (٦٦٥١).
(٢) "مجموع الفتاوى" (١٠/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>