للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ص: ٤١ - ٤٢): إن كان يرى -أي البوطي- أن هذا الحديث صحيح فليثبت لنا ذلك نكن له من الشاكرين، أم هو يجري على القول المشهور: (الخطأ المشهور خير من الصواب المهجور).

التعليق:

قلت: وإن كان هذا الحديث لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، إلا أنه -صلى الله عليه وسلم- صاحب الخلق العظيم والقلب الرحيم، والعفو العميم، والصفح الجميل، وحسبك صبره وعفوه -صلى الله عليه وسلم- عن الكافرين به المقاتلين المحاربين له، في أشد ما نالوه به من الجراح والجهد، بحيث كُسِرَت رباعيته وشُجَ وجهه يوم أحد حتى صار الدم يسيل على وجهه الشريف، حتى شق ذلك على أصحابه شديداً وقالوا: لو دعوت عليهم، فقال: (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون) (١).

وههنا دقيقة وهي أنه -صلى الله عليه وسلم- لما شج وجهه عفا وقال: (اللهم اهد قومي) وحين شغلوه عن الصلاة يوم الخندق قال: (اللهم املأ بطونهم ناراً) فتحمل الشجة الحاصلة في وجه جسده الشريف، وما تحمل الشجة الحاصلة في دينه، فإن وجه الدين هو الصلاة فرجَّح حق خالقه على حقه، واعلم أن الصبر على الأذى جهاد النفس، وقد جبل الله تعالى النفس على التألم بما يفعل بها، لهذا شق عليه -صلى الله عليه وسلم- نسبتهم له إلى الجور في


(١) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>