وقد شذّ الأصم وابن علية فقالا دية المرأة كدية الرجل وتابعهما على ذلك بعض المعاصرين كالمالكي في نظام العقوبات ص ١٢١.
ومما يدل على قول جماهير أهل العلم ما رواه الشافعي وغيره عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قوَّم دية الحرة المسلمة إذا كانت من أهل القرى خمسمائة دينار أو ستة آلاف درهم فإذا كان الذي أصابها من الأعراب فديتها خمسون من الإبل ودية الأعرابية إذا أصابها الأعرابي خمسون من الإبل] رواه الشافعي في الأم ٦/ ٩١ - ٩٢ والبيهقي في السنن ٨/ ٩٥.
وقد ذكر عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي عدة روايات عن الصحابة تفيد أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، انظر مصنف عبد الرزاق ٩/ ٣٩٣ - ٣٩٧، مصنف ابن أبي شيبة ٩/ ٢٩٩ - ٣٠٢، سنن البيهقي ٨/ ٩٥ - ٩٦.
وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن شريح القاضي عن عمر - رضي الله عنه - قال:[ ... دية المرأة على النصف من دية الرجل] مصنف ابن أبي شيبة ٩/ ٣٠٠، وقال الشيخ الألباني: إسناده صحيح. إرواء الغليل ٧/ ٣٠٧.
وقد رويت بعض الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ولكنها غير ثابتة ولكن ثبوت تنصيف دية المرأة عن عدد من الصحابة ونقل بعض أهل العلم الإجماع على ذلك يكفي في ثبوت هذا الحكم لأن مثل هذا الأمر لا يعرف إلا توقيفاً لأنه من المقدرات التي لا مجال للعقل فيها فيكون له حكم الرفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وخاصة أن عدداً كبيراً من الفقهاء والأئمة قالوا بذلك كسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والزهري وعطاء ومكحول والليث وابن شبرمة وهو قول الأئمة الأربعة كما سبق. انظر فقه عمر في الجنايات ٢/ ٤٧٤، فتح باب العناية ٣/ ٣٤٨.
وأما حجة من شذ فخالف فقد قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [وحكي عن ابن علية والأصم أنهما قالا: ديتها كدية الرجل لقوله عليه الصلاة والسلام: (في النفس المؤمنة مئة من الإبل) وهذا قول شاذ يخالف إجماع الصحابة وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -] المغني ٨/ ٤٠٢.