وفيه تعذيبٌ للنفس وعناءٌ لها وهذا غير مقصود للشارع بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك.
فقد ورد في الحديث أنه بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فإذا برجلٍ قائم في الشمس فسأل عنه فقالوا إنه أبو اسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ويصوم ولا يتكلم فقال (مروه فليستظل وليقعد وليتكلم وليتم صومه) رواه البخاري.
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخاً يهادي بين ابنيه فقال:(ما بال هذا؟ قالوا: نذر أن يمشي، قال: إن الله عن تعذيب نفسه لغني وأمره أن يركب) رواه البخاري ومسلم.
وقد دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبلٌ ممدود بين ساريتين فقال: ما هذا؟ فقالوا: حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به. فقال عليه الصلاة والاسلام: حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد) رواه البخاري، وغير ذلك من الأحاديث.
ففي هذه الأحاديث جلب الصحابة على أنفسهم مشقات غير مقصودة للشارع، فالشرع لا يطلب من الصائم أن يقف في الشمس طول النهار ولا يطلب من الحاج أن يمشي على قدميه إلى بيت الله الحرام ولا يطلب منه أن يشدد على نفسه ويحملها فوق طاقتها فهذه مشقات لا أجر فيها ولا ثواب عليها. فلا يجوز للمكلف أن يوقع نفسه فيها ولا يكون الأجر على قدر المشقة إلا إذا كانت المشقة لا تنفك عن التكاليف الشرعية.
[تعدد المذاهب الفقهية]
يقول السائل: لماذا يوجد لدى المسلمين مذاهب فقهية متعددة ومختلفة مع أن القرآن الكريم واحد والسنة النبوية واحدة؟
الجواب: إن تعدد المذاهب الفقهية لدى المسلمين له أسبابه