وهذا منها، وبين الأحاديث التي تأمر باجتناب المرضى المصابين بأمراض خطيرة، كالجذام والطاعون وغيرهما.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح عدة مسالك في ذلك، أحسنها ما قاله الإمام البيهقي:" وأما ما ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(لا عدوى) فهو على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى، وقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من هذه العيوب، سبباً لحدوث ذلك، ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فر من المجذوم فرارك من الأسد)، وقال:(لا يورد ممرض على مصح) وقال في الطاعون: (من سمع به بأرض فلا يقدم عليه) وكل ذلك بتقدير الله تعالى" فتح الباري ١٢/ ٣٦٧.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لا ينكر العدوى ولا ينفيها، وعلى الناس ألا يعتقدوا أن العدوى تضر بنفسها، وإنما تضر بأمر الله تعالى، فهي سبب من الأسباب.
[يحرم الطعن في العلماء]
يقول السائل: إنه سمع بعض المدرسين يطعن في الفقهاء، ويصفهم بأنهم علماء الحيض والنفاس، لأنهم يتكلمون في مسائل الحيض والنفاس ومسائل الطهارة والصلاة والزكاة ونحوها، ويهملون على زعمه مسائل مهمة تتعلق بالحكم والسياسة، فما قولكم في ذلك؟
الجواب: لا شك لدي بأن قائل هذا الكلام جاهلٌ متغطرس، لا يعرف منزلة العلم ولا العلماء، ولا يعرف شيئاً عن جهود العلماء والفقهاء في نشر العلم وتبيانه للناس وأكبر دليلٍ على ذلك كتب العلماء التي خلفوها، وهي ناطقة بصدق حالهم، وأنهم أخذوا الإسلام جملةً واحدة، فما قصروه على جانب واحد من جوانبه، فإذا استعرضت أي كتاب من كتب فقهائنا وعلمائنا لوجدتها تتحدث عن الأحكام الشرعية في جميع أبواب الفقه، وليست مقصورة على أحكام الحيض والنفاس، كما زعم القائل.