يقول السائل: ما قولكم بالفتوى التي تقول إن الأسير والمعتقل لهما حكم المسافر في قصر الصلاة وجمعها فيقصران ويجمعان باستمرار؟
الجواب: إن القول بإلحاق المعتقل والسجين بالمسافر فيعطيان أحكام المسافر قول غير صحيح على إطلاقه بناء على الإطلاع على واقع المساجين، وهذا الإلحاق من باب القياس وهو مساواة الفرع للأصل في علة حكمه ويشترط في إلحاق الفرع بالأصل في القياس الأصولي الاشتراك في العلة بين الفرع والأصل وقد نص أهل العلم على أن علة القصر والجمع للصلاة في حق المسافر هي قطع المسافة وهذه العلة غير موجودة في حق المعتقلين والمساجين وقد توجد في حقهم في بعض الحالات عند نقلهم من سجن لآخر أو إلى المحكمة في مدينة أخرى ونحو ذلك. يقول الله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا} سورة النساء الآية ١٠١، ففي هذه الآية الكريمة علَّق الله عز وجل قصر الصلاة على الضرب في الأرض أي السفر ولا أراه متحققاً في حق السجين فهذا القياس قياس مع الفارق فلا يصح، لأن القياس إنما هو تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع لاشتراكهما في العلة، فلا بد إذن من توافرها فيهما معاً، ومثال ذلك قياس النبيذ على الخمر، فإن العلة في الأصل هي الإسكار وهي قائمة في الفرع أيضاً، أما قياس الماء على الخمر فممتنع لأن العلة في الخمر هي الإسكار وهي غير موجودة في الماء، فلا يصح القياس لذلك، وهنا لا يصح قياس السجين على المسافر لأن العلة في الأصل وهي السفر - والسفر هو قطع المسافة - غير موجودة في الفرع وهو السجين.
ويضاف إلى ذلك أن جمهور الفقهاء قد نصوا على أن المسافر إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر لا يجوز له أن يقصر أو يجمع ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة