يقول السائل: ما قولكم فيما يقوله بعض الكاتبين من أن اصطلاح الفتوى محدث، ولم يكن معروفاً زمن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أو زمن الصحابة أو تابعيهم أو تابعي تابعيهم، وأن الفتوى لا يمكن اعتبارها مصطلحاً شرعياً وأن الصحيح استعمال مصطلح الحكم الشرعي بدلاً من الفتوى، أفيدونا؟
الجواب: لا ينقضي عجبي من هؤلاء المتسلقين على حياض العلم الشرعي، ويظن هؤلاء أن كل من أمسك قلماً صار عالماً، وكل من استعمل الشبكة العنكبوتية صار باحثاً، هيهات هيهات.
إن كلمة الفتيا - وهي أكثر استعمالاً في كلام العرب من لفظ الفتوى وكلاهما فصيح، -انظر الفتيا ومناهج الإفتاء ص٧ - وما اشتق منها قد استعملت في كتاب الله عز وجل ووردت في السنة النبوية ووردت في كلام الصحابة والتابعين وأتباعهم بمعنى السؤال عن الحكم الشرعي فمن ذلك: قول تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ ... (سورة النساء الآية ١٢٧. وقوله تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ (سورة النساء الآية ١٧٦. ففي هاتين الآيتين يظهر لنا أن الله عز وجل تولى شأن الإفتاء بنفسه جل جلاله، وهذا يدلنا على أهمية هذا المنصب وخطورته كما قال العلامة ابن القيم [وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله ولا يجهل قدره وهو من أعلى المراتب السنيات فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات ... ] إعلام الموقعين عن رب العالمين ١/ ١٠.