يقول السائل: في عالم التجارة والمال والأعمال مجالات واسعة للكسب والحصول على الأموال ولكن هنالك أمور كثيرة يقف المرء حائراً أمامها متسائلاً، هل يجوز هذا العمل شرعاً؟! وهل هذا الكسب حلال أم حرام؟ أرجو بيان ضوابط تضبط ذلك.
الجواب: إن المسلم ينطلق في حياته من عقيدته الإسلامية وأنه عبد لله سبحانه وتعالى ملتزم بشرعه فالإسلام لا يعطي الفرد الحرية المطلقة في أن يفعل ما يشاء وكيفما يشاء كما هو الحال في النظام الرأسمالي.
إن الحرية المطلقة رذيلة ممقوتة حيث إنها تؤدي بالانسان إلى الشرود والجموح والانفلات من جميع القيم والمبادئ، يقول الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله: [إن الحرية التي شرعها الإسلام في مجال الاقتصاد ليست حرية مطلقة من كل قيد كالحرية التي توهمها قوم شعيب (أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ) بل هي حرية منضبطة مقيدة بالعدل الذي فرضه الله تعالى. ذلك أن في الطبيعة الإنسانية نوعاً من التناقض خلقها الله عليه لحكمة اقتضاها عمران الأرض واستمرار الحياة.
فمن طبيعة الإنسان الشغف بجمع المال وحبه حباً قد يخرجه عن حد الاعتدال كما قال تعال في وصف الإنسان:(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) وكما صوّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مدى طمع الإنسان بقوله:(لو كان لابن آدم واديان من تراب لابتغى إليهما ثالثاً ولا يملاً جوف ابن آدم إلا التراب) متفق عليه.
ومن طبيعة الإنسان الشح والحرص كما قال تعالى:(وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ)، (وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا) وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (يشيب ابن آدم وتشب معه خصلتان: الحرص، وطول الأمل) رواه البخاري.
ومن طبيعته حب الخلود إن لم يكن بنفسه فبذريته من بعده وحب الاستعلاء والسيطرة على الآخرين وهاتان الغريزتان كانتا الأحبولة التي أوقع إبليس بها آدم أبا البشر في شرك المخالفة بالأكل من الشجرة: (فَوَسْوَسَ