وإذا تقرر هذا فأقول: إن المراد بالنص السابق المنسوب إلى أبي الدرداء، هو مداراة الناس، وهي أمر مطلوب شرعاً، نقل الحافظ ابن حجر عن ابن بطال قوله:" المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس ولين الكلمة، وترك الإغلاظ لهم في القول وذلك من أقوى أسباب الألفة.
وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة فأخطأ لأن المداراة مندوب إليها والمداهنة محرمة بالاتفاق والفرق أن المداهنة من الدهان، الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه، وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه.
والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه حتى لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه ونحو ذلك " فتح الباري ١٣/ ١٤٤ - ١٤٥.
وقد ذكر الحافظ أيضاً حديث جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(مداراة الناس صدقة) ثم بين الحافظ ابن حجر من رواه وذكره أنه ضعيف.
وروى حديث جابر المذكور الحافظ ابن حبان، ثم قال:" المداراة التي تكون صدقة للمداري هي تخلق الإنسان الأشياء المستحسنة مع من يدفع إلى عشرته ما لم يشبها بمعصية الله.
والمداهنة هي استعمال المرء الخصال التي تستحسن منه في العشرة، وقد يشوبها ما يكره الله جل وعلا " صحيح ابن حبان ٢/ ٢١٨.
يكره تسمية العنب كرماً
يقول السائل: لماذا نه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تسمية العنب بالكرم؟
الجواب: ثبت في الحديث الصحيح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -