يقول السائل: إن حماراً قد رفس ابنه وأصابه بجرح بليغ، فهل على صاحب الحمار شيء؟
الجواب: صح في الحديث أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(العجماء جرحها جُبار) رواه البخاري ومسلم وفي رواية للبخاري: (العجماء عقلُها جُبار). والعجماء هي البهيمة ومعنى جُبار أي هدر والهدر الذي لا شيء فيه ومعنى العقل في الرواية الثانية أي الدية والمراد أن لا دية فيما تتلفه البهيمة. انظر فتح الباري ١٢/ ٣١٩ فما بعدها.
والذي يؤخذ من الحديث النبوي أن الدابة إذا أتلفت شيئاً بدون تقصير أو تعدٍ من مالكها أو سائقها فلا ضمان عليه وأما إذا قصر في حفظها أو تعدى بأن نخسها أو ضربها فرفست إنساناً أو عضته أو آذته فعليه الضمان.
قال الإمام الترمذي: [ومعنى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (العجماء جرحها جُبار) فسر ذلك بعض أهل العلم قالوا: العجماء الدابة المنفلتة من صاحبها فما أصابت في انفلاتها فلا غرم على صاحبها] سنن الترمذي مع شرحه التحفة ٤/ ٥٢٢ - ٥٢٣.
وقال الإمام النووي: [فأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (العجماء جرحها جبار) فمحمول على ما إذا أتلفت شيئاً بالنهار أو أتلفت بالليل بغير تفريط من مالكها أو أتلفت شيئاً وليس معها أحدٌ فهذا غير مضمون وهو مراد الحديث. فأما إذا كان معها سائق أو قائد أو راكب فأتلفت بيدها أو برجلها أو فمها ونحوه وجب ضمانه في مال الذي هو معها سواء كان مالكاً أو مستأجراً أو مستعيراً أو غاصباً أو مودعاً أو وكيلاً أو غيره، إلا أن تتلف آدمياً فتجب ديته على عاقلة الذي معها والكفارة في ماله والمراد بجرح العجماء إتلافها سواء كان بجرح أو غيره قال القاضي: أجمع العلماء على أن جناية البهائم بالنهار لا ضمان فيها إذا لم يكن معها أحد فإن كان معها راكب أو سائق أو قائد