قال الحافظ ابن الصلاح:[ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع -أي المكذوب- من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد] علوم الحديث ص ١١٣.
وخلاصة الأمر أن الحديث المذكور في السؤال حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به وأن في الأدلة الصحيحة ما يغني عنه فعلى الخطباء والوعاظ أن يكتفوا بالصحيح وأن يبتعدوا عن الواهي والضعيف لأنهم قد يدخلون في دائرة الكذب على سيدنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[شهادة البدوي على الحضري]
يقول السائل: إنه قرأ حديثاً عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورد فيه أنه لا تجوز شهادة بدوي على حضري فهل هذا الحديث ثابت عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفيدونا؟
الجواب: من المعلوم أن الأصل في الشاهد العدالة وأن يكون مرضياً كما قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ} سورة الطلاق الآية ٢. وقال تعالى:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ} سورة البقرة الآية٢٨٢. بالإضافة إلى الشروط الأخرى للشاهد التي ذكرها الفقهاء والعدالة في الأصل لا ارتباط لها بمكان إقامة الشاهد سواء أكان في البادية أو الحاضرة قال الشيخ ابن قدامة المقدسي [العدل هو الذي تعتدل أحواله في دينه وأفعاله قال القاضي: يكون ذلك في الدين والمروءة والأحكام ... ] المغني ١٠/ ١٤٨.
وأما الحديث الذي أشار إليه السائل فقد رواه أبو داود بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:(لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية) ورواه أيضاً ابن ماجة والحاكم والبيهقي وقال الحافظ ابن دقيق