للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العيد: ورجاله إلى منتهاه رجال الصحيح. الإلمام بأحاديث الأحكام ص٥٢٠. وصححه العلامة الألباني كما في إرواء الغليل ٨/ ٢٩٠.

وقد اختلف أهل العلم في المراد بهذا الحديث فقال جماعة من العلماء إن المقصود بالحديث هو رد شهادة البدوي مجهول العدالة وأما إذا كان عدلاً فتقبل شهادته.

قال أبو بكر اِلْجَصَّاصِ: [وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْبَدْوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ, فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ هِيَ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ ... قَالَ أَبُو بَكْرٍ - الجصاص-: جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ دَلَائِلِ الْآيَةِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ شَهَادَةِ الْقَرَوِيِّ وَالْبَدْوِيِّ; لِأَنَّ الْخِطَابَ تَوَجَّهَ إلَيْهِمْ بِذِكْرِ الْإِيمَانِ بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} وَهَؤُلَاءِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ , ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} يَعْنِي مِنْ رِجَالِ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْرَارِ, وَهَذِهِ صِفَةُ هَؤُلَاءِ, ثُمَّ قَالَ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ} وَإِذَا كَانُوا عُدُولاً فَهُمْ مَرْضِيُّونَ. وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى فِي شَأْنِ الرَّجْعَةِ وَالْفِرَاقِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَهَذِهِ الصِّفَةُ شَامِلَةٌ لِلْجَمِيعِ إذَا كَانُوا عُدُولاً, وَفِي تَخْصِيصِ الْقَرَوِيِّ بِهَا دُونَ الْبَدْوِيِّ تَرْكُ الْعُمُومِ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ; وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُمْ مُرَادُونَ بِقَوْلِهِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وَبِقَوْلِهِ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ} لِأَنَّهُمْ يُجِيزُونَ شَهَادَةَ الْبَدْوِيِّ عَلَى بَدْوِيٍّ مِثْلِهِ عَلَى شَرْطِ الْآيَةِ. وَإِذَا كَانُوا مُرَادِينَ بِالْآيَةِ فَقَدْ اقْتَضَتْ جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْقَرَوِيِّ مِنْ حَيْثُ اقْتَضَتْ جَوَازَ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ, وَمِنْ حَيْثُ اقْتَضَتْ جَوَازَ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً عند ذكره حديث غدير خم مرجعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حجة الوداع، فإنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطب فيه خطبة وصَّى فيها بإتباع كتاب الله، ووصَّى فيها بأهل بيته، كما روى ذلك مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - فزاد بعض أهل الأهواء في ذلك، حتى زعموا أنه عهد إلى علي - رضي الله عنه - بالخلافة بالنص الجلي، بعد أن فرش له، وأقعده على فراش عالية، وذكروا كلاماً وعملاً قد علم بالاضطرار أنه لم يكن من ذلك شيء، وزعموا أن الصحابة تمالؤا على كتمان هذا النص، وغصبوا الوصي حقه، وفسَّقوا وكفَّرُوا إلا نفراً قليلاً.] اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٢٩٣.

وقال الشيخ ابن كثير: [وأما ما يفتريه كثير من جهلة الشيعة والقصاص الأغبياء من أنه أوصى - أي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى علي بالخلافة فكذب وبهت وافتراء عظيم، يلزم منه خطأ كبير من تخوين الصحابة وممالأتهم بعده على ترك تنفيذ وصيته وإيصالها إلى من أوصى إليه وصرفهم إياها إلى غيره لا لمعنى ولا لسبب] البداية والنهاية ٧/ ٢٢٥.

وخلاصة الأمر أن حديث الغدير صحيح ولكن ادعاء الشيعة بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوصى لعلي - رضي الله عنه - بالخلافة كذب وافتراء.

تمَّ الكتاب بحمد الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>