للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآيات والأحاديث كثيرة جداً في هذا الباب والخلاصة أن الإسلام قرر قاعدة رفع الحرج عن المكلفين ودفع المشقات عنهم ولكن المشقة قد تكون مشقة لا تنفك عن التكاليف الشرعية أي ملازمة لها وهذه لا بد منها إذ لا يكاد ذلك يخلو من مشقة ولو كانت قليلة، والتاكليف الشرعية لا تخلو عادةً من مثل هذه المشقات فمثلاً الصوم فيه نوع من المشقة وخاصةً إذا وقع في أشهر الصيف الحارة والوضوء فيه مشقة وخاصةً إذا كان الماء البارد أيام الشتاء، والحج فيه مشقة وهكذا بقيت التكاليف الشرعية فيها نوع من المشقة ولكن هذه المشقة محتملة وغير مقصودة في ذاتها ولكن لما يترتب عليها من المصالح تماماً كالطبيب الذي يعطي المريض الدواء المر الذي فيه شفاؤه فإن الطبيب لا يقصد إيذاء المريض بذلك الدواء المر ولكن يقصد ما يترتب عليه من الشفاء.

وكذلك الشارع يقصد ما يترتب على تلك المشقة من مصالح تعود على المكلف بالنفع العظيم.

وهنالك نوع من المشقة الشديدة وغير المحتملة وهذه لم تقع في التكاليف الشرعية وبالتالي لا يجوز للمكلف أن يوقعها على نفسه مثل صوم الوصال والصيام قائماً في الشمس والحج ماشياً ونحو ذلك فهذه مشقات صعبة وشديدة على النفس ولم يرد التكليف الشرعي بها بل نهى الشارع الحكيم عن التشديد على النفس.

يقول صلى الله عليه وسلم (خذوا من الأعمال ما تطيقون) رواه البخاري ومسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام: (هلك المتنطعون) رواه مسلم. والمتنطع: هو المشدد على نفسه في غير موطن الشدة.

وهذه المشقة الشديدة إذا أوقع المكلف نفسه فيها قيعتبر عمله غير مشروع ولا أجر له على ذلك لأن الأجر يكون على قدر الشمقة إذا كانت المشقة لازمة للتكاليف الشرعية.

وأما إذا كانت المشقة غير لازمة لها فلا يصح للمكلف أن يجلبها على نفسه ظاناً أن ذلك طريقة للأجر والثواب لأن هذا المسلك مخالف للسنة

<<  <  ج: ص:  >  >>