من هذين الحديثين يؤخذ أنه لا يجوز للمرأة أن تحدّ على غير زوجها أكثر من ثلاثة أيام فإحداد المرأة على زوجها في عدة الوفاة واجب طوال العدة وأما إحدادها على غير زوجها كأبيها وأمها وأخيها وأختها وابنها وابنتها وغيرهم من الأقارب فليس بواجب بل هو جائز إن شاءت حدت وإن شاءت لم تحد.
ونقل الحافظ ابن حجر عن الحافظ ابن بطال قوله:[الإحداد امتناع المرأة المتوفى عنها زوجها من الزينة كلها من لباس وطيب وغيرهما وكل ما كان من دواعي الجماع وأباح الشارع للمرأة أن تحدّ على غير زوجها ثلاثة أيام لما يغلب من لوعة الحزن ويهجم من ألم الوجد وليس ذلك واجباً] فتح الباري ٣/ ٣٨٨.
ويحرم على المرأة أن تزيد مدة الإحداد عن ثلاثة أيام لموت أي قريب من أقربائها فلا يجوز الإحداد لمدة أسبوع ولا لأربعين يوماً ولا لسنة ولا لغير ذلك كما اعتاده كثير من النساء وللمرأة المسلمة اليوم أسوة حسنة في نساء النبي- صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابيات فقد ثبت في الحديث عن زينب بنت أبي سلمة قالت:(لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة رضي الله عنها - وهي أم المؤمنين - بصفرة في اليوم الثالث فمسحت عارضيها وذراعيها وقالت: إني كنت عن هذا لغنية لولا أني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحدّ عليه أربعة أشِهر وعشراً) رواه البخاري ومسلم.
فهذه أم حبيبة لما مات أبوها وفي رواية أخرى أخوها وبعد مرور ثلاثة أيام طلبت صفرة والصفرة نوع من الطيب فدعت به فمسحت عارضيها أي خديها وذراعيها مع أنها ليست محتاجة للتطيب وإنما لتثبت التزامها بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وثبت في الحديث عن محمد بن سيرين قال:(توفي ابن لأم عطية رضي الله عنها فلما كان اليوم الثالث دعت بصفرة فتمسحت به وقالت: نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا على زوج) رواه البخاري.