قال الإمام النووي:[ولا ينكر محتسب ولا غيره على غيره وكذلك قالوا ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً] شرح النووي على صحيح مسلم ٢/ ٢٤.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن يقلد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد فهل ينكر عليه أم يهجر؟ وكذلك من يعمل بأحد القولين؟
فأجاب:[الحمد لله، مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٢٠/ ٢٠٧.
وختاماً فينبغي على طلبة العلم وعلى عامة الناس أن تتسع صدورهم لسماع خلاف العلماء في مسائل العلم الشرعي وعلى هؤلاء وأولئك أن يعلموا أن العلماء عندما يختلفون فإنهم لا يصدرون في اختلافهم عن هوى أو تشهي أو قول في دين الله بغير علم أو مستند. وعليهم أن يعلموا أن الخلافات العلمية في المسائل التي لا يوجد فيها نصوص قطعية ليست مذمومة والخلاف فيها قديم والأمر فيه سعة، فلا تحجروا واسعاً.
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[فإن الله برحمته وطوله وقوته وحوله ضمن بقاء طائفة من هذه الأمة على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك وجعل السبب في بقائهم بقاء علمائهم واقتدائهم بأئمتهم وفقهائهم وجعل هذه الأمة مع علمائها كالأمم الخالية مع أنبيائها وأظهر في كل طبقة من فقهائها أئمة يقتدى بها وينتهى إلى رأيها وجعل في سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام مهد بهم قواعد الإسلام وأوضح بهم مشكلات الأحكام اتفاقهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة تحيا القلوب بأخبارهم وتحصل السعادة باقتفاء آثارهم ثم اختص منهم نفراً أعلى قدرهم ومناصبهم وأبقى ذكرهم ومذاهبهم فعلى أقوالهم مدار الأحكام وبمذاهبهم يفتي فقهاء الإسلام] المغني ١/ ٤ - ٥.