للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (كان ابن لأم سليم يقال له أبو عمير، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربما مازحه إذا جاء فدخل يوماً يمازحه فوجده حزيناً فقال: ما لي أرى أبا عمير حزيناً؟ فقالوا: يا رسول الله مات نغره الذي كان يلعب به. فجعل يناديه - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا عمير ما فعل النغير) رواه البخاري. وغير ذلك من الأحاديث.

ولكن المزاح قد يخرج عن الإباحة إلى التحريم إذا اشتمل المزاح على سخرية واستهزاء فيحرم شرعاً المزاح الذي يشتمل على تحقير مسلم أو استخفاف به، يقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ) سورة الحجرات الآية ١١.

وثبت في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) رواه مسلم.

ولا يجوز أن يشتمل المزاح على اللمز والتنابز بالألقاب لقوله تعالى: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) سورة الحجرات الآية ١١.

ولا يجوز أن يشتمل المزاح على ترويع المسلم وإخافته لما جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) رواه أبو داود وأحمد والطبراني وصححه الشيخ الألباني في غاية المرام ص ٢٥٧.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً ومن أخذ عصا أخيه فليردها) رواه أبو داود والترمذي وأحمد وقال الشيخ الألباني: حديث حسن. صحيح سنن أبي داود ٣/ ٩٤٤.

وكذلك لا يجوز أن يشتمل المزاح على الكذب من أجل أن يضحك الناس لما ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له! ويل له) رواه أبو داود والترمذي وأحمد وحسّنه الألباني في صحيح سنن الترمذي ٢/ ٢٦٨.

فالحديث نص صريح مؤكد على حرمة اختلاق أفعال وأقوال ذريعة لإضحاك الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>