فالحديث الأول وهو حديث قدسي كما جاء في النشرة ما هو إلا كذب على الله سبحانه وعلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أنه كذب على الأئمة الذين ذكروا في النشرة على أنهم خرجوا الحديث في كتبهم وهم أحمد والترمذي وابن ماجة وقد بحثت عنه في كتبهم وهي المسند للإمام أحمد وسنن الترمذي وسنن ابن ماجة فلم أجد الحديث فيها ولا ذكره أحد من الذين صنفوا الفهارس الحديثية، وكذلك فإن الحديث لا يوجد في الكتب التي اعتنت بالأحاديث القدسية.
وأما الحديث الثاني فواضح أنه مكذوب باطل. وينبغي أن يعلم أن جماعة من أدعياء الزهد والورع والدجاجلة يزعمون أنهم يرغبون الناس في السنة النبوية فيكذبون على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فيحتسبون وضعهم للأحاديث في الترغيب والترهيب ظناً منهم أنهم يتقربون إلى الله ويخدمون دين الإسلام ويحببون الناس في العبادات والطاعات ولما أنكر العلماء عليهم ذلك وذكروهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من كذب عليّ عامداً متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) قالوا: نحن نكذب له - صلى الله عليه وسلم - لا عليه، وهذا كله من الجهل بالدين وغلبة الهوى والغفلة ومن أمثلة ما وضعوه في هذا السبيل حديث فضائل القرآن سورة سورة فقد اعترف بوضعه نوح بن أبي مريم واعتذر لذلك بأنه رأى الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق ومن هؤلاء الوضاعين غلام خليل وقد كان زاهداً متخلياً عن الدنيا وشهواتها منقطعاً إلى العبادة والتقوى محبوباً من العامة حتى أن بغداد أغلقت أسواقها يوم وفاته حزناً عليه ومع ذلك فقد زين له الشيطان وضع أحاديث في فضائل الأذكار والأوراد حتى قيل له: هذه الأحاديث التي تحديث بها من الرقائق؟ فقال: وضعناها لنرقق بها قلوب العامة انظر كتاب السنة ومكانتها في التشريع ص ٨٧.
وقال الإمام أبو حامد الغزالي: [وقد ظن ظانون أنه يجوز وضع الأحاديث في فضائل الأعمال وفي التشدد في المعاصي وزعموا أن القصد منه صحيح وهو خطأ محض إذ قال - صلى الله عليه وسلم -: (من كذب علي عامداً متعمداً