وجاء في رواية أخرى عند مسلم عن أبي الشعثاء قال:(سمعت أبا هريرة ورأى رجلاً يجتاز المسجد خارجاً بعد الأذان فقال: أمَّا هذا فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج منه إلا لحاجة ثم لا يرجع إليه إلا منافق) رواه الطبراني في الأوسط وروايته محتج بها في الصحيح كما قال المنذري في الترغيب والترهيب ١/ ٢٦٠ وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح. انظر صحيح الترغيب والترهيب ١/ ٢٢٤.
وورد عن عثمان - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجعة فهو منافق) رواه ابن ماجة وقال الشيخ الألباني صحيح لغيره. انظر صحيح الترغيب والترهيب ١/ ٢٢٤.
وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(لا يخرج من المسجد أحد بعد النداء إلا منافق إلا أحد أخرجته حاجة وهو يريد الرجوع) رواه أبو داود في مراسيله، وقال الشيخ الألباني: صحيح لغيره. انظر صحيح الترغيب والترهيب ١/ ٢٢٤.
فهذه الاحاديث تدل على النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لحاجة وقد حمل بعض أهل العلم النهي في هذه الأحاديث على التحريم ويؤكد ذلك على حسب حملهم أن أبا هريرة اعتبر الخروج من المسجد بعد الأذان عصياناً لأبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -.
قال القرطبي المحدّث: [قول أبي هريرة في الخارج من المسجد: (أمَّا هذا فقد عصى أبا القاسم) محمول على أنه حديث مرفوع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدليل ظاهر نسبته إليه في معرض الاحتجاج به وما كان يليق بواحد منهم للذي علم من دينهم وأمانتهم وضبطهم وبعدهم عن التدليس ومواقع الإيهام وكأنه سمع ما يقتضي تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان فأطلق لفظ المعصية فإذا ثبت هذا استثمر منه أن من دخل المسجد لصلاة فرض فأذن مؤذن ذلك الوقت حرم عليها أن يخرج منه لغير ضرورة حتى يصلي فيه تلك الصلاة لأن ذلك المسجد تعين لتلك الصلاة أو لأنه إذا خرج قد يمنعه مانع من الرجوع إليه أو إلى غيره فتفوته الصلاة] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ٢/ ٢٨١.