سبحانه وتعالى وهذا يدل على قلة العلم وقلة التقوى والورع والعياذ بالله.
وقد كان السلف ينكرون أشد الإنكار على من اقتحم حمى الفتوى ولم يتأهل لها ويعتبرون ذلك ثلمة في الإسلام ومنكراً عظيماً يجب أن يمنع.
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء. فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا).
وروى الإمام أحمد وابن ماجة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من أُفتِيَ بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه) وهو حديث حسن كما قال الشيخ الألباني في المشكاة ١/ ٨١.
وذلك لأن المستفتي معذور إذا كان من أفتاه لبس لبوس أهل العلم وحشر نفسه في زمرتهم وغر الناس بمظهره وسمته.
ومن ثم قرر العلماء: أن من أفتى وليس بأهل للفتوى فهو آثم عاص ومن أقره على ذلك فهو عاص أيضاً.
وهؤلاء بمنزلة من يدل الركب وليس له علم بالطريق. وبمنزلة من لا معرفة له بالطب وهو يطب الناس بل هو أسوأ حالاً من هؤلاء كلهم.
وإذا كان يتعين منع من لم يحسن التطبيب من مداواة المرضى فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة ولم يتفقه في الدين؟
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية شديد الإنكار على هؤلاء ولما قال له بعضهم يوماً: أجعلت محتسباً على الفتوى؟ قال له: يكون على الخبازين والطباخين محتسب ولا يكون على الفتوى محتسب. الفتوى بين الانضباط والتسيب ص٢٢ - ٢٤