الأول: أن للكلفة والمؤونة تأثيراً في نظر الشارع فقد تقلل مقدار الواجب كما في السقي بآلة جعل الشارع فيه نصف العشر فقط، وقد تمنع الوجوب أصلاً كما في الأنعام المعلوفة أكثر العام، فلا عجب أن تؤثر في إسقاط ما يقابلها من الخارج من الأرض.
الثاني: أن حقيقة النماء هي الزيادة ولا يعد المال زيادة وكسباً إذا كان قد أنفق مثله في الحصول عليه ولهذا قال بعض الفقهاء: إن قدر المؤنة بمنزلة ما سلم له بعوض فكأنه اشتراه وهذا صحيح.
هذا على ألا تحسب في ذلك نفقات الري التي أنزل الشارع الواجب في مقابلها من العشر إلى نصفه.
فمن كانت له أرض أخرجت عشرة قناطير من القطن تساوي مائتي جنيه وقد أنفق عليها - في غير الري - مع الضريبة العقارية مبلغ ستين جنيهاً (أي ما يعادل ثلاثة قناطير) فإنه يخرج الزكاة عن سبعة قناطير فقط، فإذا كانت سقيت سيحاً ففيها العشر أو بآلة فنصف العشر. والله أعلم] فقه الزكاة ١/ ٣٩٦ - ٣٩٧.
ومما يؤيد هذا القول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الخارص - وهو الذي يقدر كمية الثمار التي تجب فيها الزكاة - أن يترك ثلث الثمر أو ربعه لأصحاب الثمر ولا يحسب فيه زكاة فقد جاء في حديث سهل بن أبي حثمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... :(إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع) رواه أبو داود وسكت عليه هو والمنذري ورواه الترمذي وابن خزيمة وصححه ورواه ابن حبان وصححه ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وضعفه آخرون.
قال الحاكم: [هذا حديث صحيح الإسناد وله شاهد بإسناد متفق على صحته. عمر بن الخطاب أمر به ثم روى الحاكم بسنده عن سهل بن أبي حثمة:(أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعثه إلى خرص التمر وقال: إذا أتيت أرضاً فاخرصها ودع لهم قدر ما يأكلون) المستدرك ٢/ ٢٢ - ٢٣.
ومعنى ترك الثلث أو الربع على أحد قولي العلماء هو ما قاله الشيخ