للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتابعين من غير أن ينكر ذلك منكر لم يكن إجماع أعظم من هذا، بل إن كان في الدنيا إجماع فهو هذا، لا سيما وأهل بيعة الرضوان جميعهم يزارعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده إلى أن أحلى عمر اليهود إلى تيماء) (مجموع الفتاوى ٢٩/ ٩٧٩).

وقال ابن القيم: (وهذه - المزارعة - أمر صحيح مشهور قد عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم خلفاؤه الراشدون من بعده حتى ماتوا، ثم أهلوهم من بعدهم ولم يبقَ في المدينة أهل بيت حتى عملوا به وعمل به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بعده، ومثل هذا يستحيل أن يكون منسوخاً لاستمرار العمل به من النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن قبضه الله، وكذلك استمرار عمل خلفائه الراشدين به فنسخ هذا من أمحل المحال) شرح ابن القيم على سنن أبي داود ٩/ ١٨٤.

والقول بجواز المزارعة ومشروعيتها هو قول أكثر أهل العلم واختاره المحققون من الفقهاء والمحدثين وبه قال الإمام مالك وأحمد وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وعليه الفتوى عند الحنفية، وبه قال اسحق بن راهويه والأمام النووي وابن تيمية وابن القيم وابن قدامة والشوكاني وغيرهم كثير جداً.

وأما الأحاديث التي ورد فيها النهي عن المزارعة كحديث رافع بن خديج (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع) رواه البخاري.

وكحديث جابر (أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض) رواه ابن حبان وغيره وغيرها من الأحاديث التي ورد فيها النهي عن المزارعة فالجواب عنها من وجوه كثيرة أذكر أهمها:

١. إن النهي الوارد في حديث الرافع بن خديج وغيره إنما هو في المزارعة الفاسدة التي كانت معروفة عندهم وقتئذٍ والتي فيها اشتراط صاحب الأرض لنفسه نتاج بقعة معينة من الأرض أو التبن فهذه منهي عنها ويؤكد ذلك أن رافعاً قد روى تفسير ذلك النهي، فعن رافع بن خديج قال: كنا أكثر الأنصار حقلاً فكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما

<<  <  ج: ص:  >  >>