أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون الربح لكما فقالا: وددنا ذلك ففعل وكتب إلى عمر بن الخطاب أن يأخذ منهم المال فلما قدما باعا فأربحا فلما دفعا ذلك إلى عمر قال: أكل الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما؟ قالا: لا، فقال عمر بن الخطاب: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما أديا المال وربحه فأما عبد الله فسكت وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه فقال عمر: أدياه فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً فقال عمر: قد جعلته قراضاً فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال) ورواه الدارقطني أيضاً، قال الحافظ ابن حجر وإسناده صحيح، نيل الأوطار ٥/ ٣٠٠ وانظر الاستذكار ٢١/ ١٢٠.
وقد وردت آثار أخرى عن الصحابة كعلي وابن مسعود وابن عباس وجابر وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، قال الشوكاني:[فهذه الآثار تدل على أن المضاربة كان الصحابة يتعاملون بها من غير نكير إجماعاً منهم على الجواز] نيل الأوطار ٥/ ٣٠٠ - ٣٠١.
إذا ثبتت مشروعية المضاربة فنعود إلى ما ورد في السؤال فأقول:
إذا كانت المضاربة مطلقة أي غير مقيدة بشرط يمنع المضارب من خلط ماله مع مال المضاربة فلا بأس بذلك فالمضارب في السؤال طلب منه أن يتاجر في أنواع معينة من البضائع لشركائه فأضاف هو أنواعاً أخرى لنفسه فلا بأس بذلك وعمله صحيح بشرط أن يميز ماله من مال شركائه وبشرط أن لا يعطل مال شركائه فلا يعطيه الجهد المطلوب.
فإذا كان المضارب يستطيع العمل في المالين فله أن يخلط ماله بمال المضاربة، قال الحطاب من المالكية:[وللعامل أن يخلط القراض بماله إذا كان قادراً على التجر بهما وإن كان لا يقدر على التجر بأكثر من مال القراض لم يكن ذلك له] شرح الحطاب على مختصر خليل.